كان بوسع الرئيس هادي منع الإنقلاب، ولا تسوية سياسية  بتدوير المتورطين، في الوظائف العامة (2-2)
الأحد 19 أُغسطس ,2018 الساعة: 10:58 مساءً
حوار - عبدالعزيز المجيدي


- لم تضغط الأحزاب مع الإشتراكي لتغيير وضع الجيش ونقل السلطة، وهادي عين موالين   لصالح على رأس القوات المسلحة

- عائلة صالح مازلوا مع الإنقلاب ولم يتبرأوا من الحرب، ولا حاجة لمغازلة المؤتمر

-إعلان التحالف السياسي من الرياض أُلغي في اللحظات الأخيرة، ومسؤولية نهاية المشترك  يتحملها الإصلاح والإشتراك

- تعيينات أبناء مسؤولي الشرعية صادمة، ونطالب بإلغائها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل كان ممكناً تجنب الإنقلاب والحرب، وهذا المآل الوخيم الذي تعيشه البلد اليوم؟

يقول نائب الأمين العام للحزب الإشتراكي اليمني د. محمد المخلافي، إن ذلك كان ممكناً وأن الأحزاب السياسية كانت قادرة على الضغط لمنع الكارثة  وأن عديد إجراءات كان بوسع الرئيس عبدربه منصورهادي التصرف الحاسم حيالها، لتجنب الإنقلاب.. لكنه لم يفعل!

من مفارقات المشهد في اليمن، أننا لا زلنا نتحدث عن عائلة الرئيس السابق بعد 7 سنوات من الثورة على حكمها وقرابة 4 سنوات من الإنقلاب والحرب في مواجهتها، ثم يتغير المشهد على نحو دراماتيكي فتتسرب الى الضفة الأخرى.

يعتقد وزير الشؤون القانونية السابق ومهندس قانون العدالة الإنتقالية، أن عائلة صالح مازالت في مربع الإنقلاب، وأنها لم تتبرأ من شراكتها في الجريمة.
في هذا الإتجاه يؤكد أن لا تسوية سياسية بدون عدالة إنتقالية تجبر ضرر الضحايا، وتمنع أي تدوير للمتورطين في جريمة الإنقلاب والحرب.

في الجزء الثاني والأخير من الحوار،مع " الحرف 28"  يتحدث السياسي البارز د. محمد المخلافي عن مشروع التحالف السياسي والموسع وخذلانات تكتل اللقاء المشترك ما بعد التسوية، وظاهرة التعيينات في الحكومة الشرعية، ويكشف عن تفاصيل ظلت في الكواليس :

التعيينات مخالفة للدستور ولقوانين الخدمة المدنية والعسكرية

* اليوم وسط هذه الحرب، هناك حمى تعيينات في الجهاز الحكومي المعطل، بينهم أبناء مسؤولين وأقارب مسؤولين، وتعيينات جديدة حتى في مواقع، لسنا بحاجة لها الآن، بينما البلد في حالة انهيار، والتقارير تتحدث ، بأن قيمة رواتب مسؤولي الشرعية، تصل الى15 مليون دولار شهرياً.. إلى أين نحن ذاهبون وماذا تفعل السلطة الشرعية بالضبط ؟

- الحقيقة ، الأحزاب السياسية كانت قد تنبهت لهذا الأمر بوقت مبكر في 2015 وأنا كنتُ لا زلتُ وزيراً في الحكومة، وحينها شكلت لجنة من الأحزاب والقوى السياسية التي كانت في الرياض، وأختاروني رئيساً لهذه اللجنة، ووضعنا رؤية أسميناها ورقة إستعادة الدولة وإدارتها. وكرس  جزء منها لوضع تصور حول إدارة المناطق التي يجري تحريرها، والجزء الآخر بشأن إستعادة الشراكة في القرار السياسي والتنموي، والجزء الثالث، كان يتعلق بإصدار قرارات التعيين في الوظيفية العامة، ووضعنا تصوراً،بما يعني العودة الى الدستور والقوانين، وليس تصور إستثنائي، لأنه لم يحصل إجراء إستثنائي، فالحرب ماضية والدستور نافذ والقانون نافذ، وبالتالي لا بد من الإلتزام بالدستور والقانون.

 هذه الورقة وافقت عليها كل الأحزاب، وأرسلت الى الحكومة وحينها كان لايزال بحاح رئيسا للحكومة، وأرسلت الى رئيس الجمهورية. وكان ينتظر أن الأحزاب السياسية والحكومة ورئيس الجمهورية، يتفقون على هذه الورقة خاصة فيما يتعلق بالتعيينات خارج القانون،وخلاف للدستور، بمافي ذلك تعيينات الوزراء ، وما في حكمهم بعيداً عن الشراكة ، والتعيين في الوظيفة العامة خارج قانون الخدمة المدنية والعسكرية،  ولكن مع الأسف هذه الورقة أُهملت ولم يجر الإلتزام بما جاء فيها أو التوافق عليها مع الحكومة. أُعيد من جديد هذا الأمروطُرح في البرنامج التنفيذي للتحالف المزمع إنشاؤه، لكن التحالف السياسي الى الآن تقف عوائق أمام اشهاره. الحقيقة هذا الأمر ( التعيينات) يرتب إشكالات كثيرة على الدولة. أولاً: الخروج على الدستور والقانون، هذ الأمر يضعف القرارت الصادرة عن الحكومة الشرعية. الأمر الآخر أيضاً، عدم الإلتزام بالدستور والقانون، خلق فرص لجماعات قد تكون بالأساس مجرد منتفعة من الشرعية ، فتأتي من كل حدب وصوب، من أجل الحصول على الوظيفة العامة..

* لكن هذا الأمر يحدث أساساً من قبل المسوؤلين وكبار رجالات الشرعية، يعمل هؤلاء على إستصدار قرارات لتعيين أبنائهم، وأصبحت ممارسات  فجة، لم تكن تحصل حتى في عهد علي عبدالله صالح؟

-  (يضحك)..هذه من الظواهر الصادمة التي أضعفت صورتنا كشرعية وكأحزاب سياسية، لكن هذا حدث كظاهرة لا ندري كيف طرأت على الحكومة، والمطلوب تصحيح هذا الأمر لإستعادة الشرعية لرونقها وذلك بإلغاء القرارات غير القانونية عبر القضاء الإداري ،وفقاً لقانوني الخدمة المدنية والعسكرية.

العدالة الإنتقالية ومخلفات الإنقلاب والحرب

*دكتور محمد، أنت كنت أحد المهندسين الرئيسيين لمشروع قانون العدالة الإنتقالية.. بالَإضافة لمراحل الصراع السياسي والجرائم السابقة.. الآن لدينا مشكلة حرب عمرها يقترب من 4سنوات، أفرزت تصدعات أكثر وانقسامات أكثر، وهناك متورطون بارتكاب جرائم أكبروأفظع.. نتحدث عن طرف جماعة صالح وورثته، وجماعة الحوثيين الذين كمنفذين لجريمة الإنقلاب، وتسببوا بكل هذه المأساة.. في نفس الوقت يتم الآن إعادة بناء قوات للمتورطين بالإنقلاب وجرائم سابقة على صلة بانتفضة 2011م،كيف يمكن معالجة هذه الخلطة العجيبة  في أي تسوية قادمة؟

- بالطبع لوتتذكر، هناك مشروع قانون أُعد قبل إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني.هذا المشروع لم يجرالتوافق عليه، في الحكومة بسبب أن النظام القديم كان يمتلك نصف الحكومة. فوفقا لآلية نقل السلطة، أحيل المشروع الى رئيس الحكومة والى رئيس الجمهورية لإقراره وإحالته الى مجلس النواب، وتفاجأنا حينها أن المشروع جرى إحالته بعد إفراغه من محتواه من قبل رئيس الجمهورية دون علم رئيس الوزراء وبإجراءات غير قانونية، إذ لم يتم من خلال الوزارة المعنية،وهي وزارة الشئون القانونية، فصارعفو فوق العفو لعلي عبدالله صالح ومن معاه، وحينها حدثت أزمة وأنسحب اللقاء المشترك من مجلس النواب، وتوقف مجلس النواب عن الجلسات لمدة شهرين تقريبا وتوقف هذا المشروع .

ثم أعد مشروع آخرمن قبل وزارة الشئون القانونية بعد صدور وثيقة الحوار، وجرى إعادة النظر في المشروع السابق بناءً على مخرجات الحوار. المشروع الجديد يستوعب هذه الحالة من ناحيتين: من ناحية أن المشروع الجديد تم بناءً على مخرجات الحوار الوطني،ونص على عدم سريان العفو على من يكرر الانتهاكات وعلى من يرفض الإقرار والاعتراف. وعلى كل حال ، أقرينا في مجلس الوزراء بالإجماع على إحالته المشروع الى رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من جديد بسبب الخلاف و لإستخدام صلاحيتهما وإحالته الى مجلس النواب، وقامت الحرب ولم يحصل ذلك .هذا المشروع موجود وعند استعادة الدولة سيكون العدالة الانتقالية واحدة من مهام ما تبقى من الفترة الانتقالية التي لها أولوية، وسيعاد النظربالتأكيد في مشروع القانون وسيتم استيعاب ما أُستجد  في هذه الحرب وهي جرائم أكثر من السابقة بكثير ..

*مقاطعاً..على مستوى الأرض، يتم الترتيب لكثير من المتورطين بجرائم ببناء قوات جديدة وتمكينهم من مواقع رسمية، بينما الثابت في مبادئ العدالة الإنتقالية، الإصلاح المؤسسي وإبعاد الأشخاص المتورطين بارتكاب جرائم عن أي مهام رسمية..؟

-  ضمن مشروع القانون الحالي (قبل الحرب)، الإصلاح المؤسسي عنصر أساسي، وكانت إعتراضات المؤتمر الشعبي، بدرجة أساسية أيضاً على الإصلاح المؤسسي وحفظ الذاكرة الوطنية، وأي انتقال ديمقراطي، بعد إنهاء الانقلاب والحرب واستعادة الدولة في اليمن وتحقيق إنتقال ونقل السلطة لن يكون إلا بعدالة إنتقالية.. كل البلدان التي شهدت نزاعات وحروب في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وفي آسيا، لم تتجاوز صراعات الماضي الا بالعدالة الانتقالية، وهي ليست موضوع يتعلق بالثأر، كما فهمه علي عبدالله صالح ومجموعته، (قبل الحرب) على العكس،العدالة الإنتقالية تنهي حالة الثأر، لكن برضى وقبول الضحايا.. وأيضا بجبر ضررالضحايا بالإعتراف والإعتذار وتخليد ذكراهم والإصلاح المؤسسي، الذي يستبعد كل من مارسوا الانتهاكات.

رصاصة الرحمة على المشترك .. وتعثر التحالف الموسع

* هذه الحرب بدت كما لوكانت أطلقت رصاصة الرحمة على اللقاء المشترك.. شاهدنا تبادل إتهامات بين مكونات هذا التكتل، ثم لاحقا جرى الحديث عن تحالف ثنائي بين الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري ثم حديث ومساعي أخرى عن تحالف واسع مساند للشرعية.. الى أين انتهت كل تلك الترتيبات بشأن التحالف الثنائي أو الآخر الموسع ؟

-  طبعاً اللقاء المشترك، الحقيقة، شهد حالة من الخذلان من قبل الأحزاب المنضوية فيه، وكل الأحزاب المكونة للتكتل تتحمل المسؤولية، لكن المسؤولية الأكبر يتحملها التجمع اليمني للإصلاح والحزب الإشتراكي اليمني، باعتبار أن تواجدهما كنقيضيين في هذا الإئتلاف قد بعث فيه الحيوية وجعله يمثل شجرة فريدة في عالمنا العربي، وحقق لهما من الفاعلية الكثير.

 حدث الخذلان عقب تشكيل حكومة التوافق الوطني. ربما كان هذا واحداً من الأسباب التي سهلت للنظام القديم بزعامة علي عبدالله صالح وعائلته وعائلة الحوثيين القيام بالإنقلاب،أي أن الخذلان يمثل واحداً من الأسباب الرئيسية التي أدت للانقلاب، وبالتالي أتت الحرب ووضع اللقاء المشترك ليس على مايرام، بل كان في أسوأ حالاته، مع أنه كان تحربة نفخر فيها وسنظل نفخر فيها ونحاول العمل لإستعادتها بصورة أوسع، إذ سعينا لاحقاً مع الأحزاب الأخرى إلى جانب الموجودة في اللقاء المشترك،أن نجعل من اللقاء المشترك، نواة لتحالف أوسع في الظرف الجديد، ضمن حلف ومهام جديدة لاستعادة الدولة.

كنا نريد ( قبل الحرب ) أن نبني الدولة، لكن المهمة تغيرت، فصارت إستعادة الدولة وإستعادة أراضي الدولة وحماية سيادة الدولة، الى جانب إقامة الدولة الإتحادية المدنية، وهذا يعني أن مهمة الأحزاب صارت أعقد وأوسع، فسعينا الى إيجاد تحالف أوسع، لكن لا يلغي اللقاء المشترك، كنواة في إطار هذا التحالف، ووضعنا وثائقاً وسكتنا على اللقاء المشترك.

كان المؤتمر الشعبي يسعى الى أن يُنَص على إلغاء اللقاء المشترك، لكننا رفضنا.. قلنا: إن هذا التحالف الجديد، ربما يكون مداه قصيراً، لكن اللقاء المشترك ربما يكون مداه أطول إذا عدنا الى حالة طبيعية.." يبتسم.  "...

 هذا حدث بعد الحرب عندما صرنا خارج البلاد. عام 2015 أُعدت وثائق تحالف سياسي يشمل  كل الأطراف السياسية التي تقف مع الشرعية وهي جزء من الشرعية.

*لكن لاحقاً تم الإعلان في القاهرة عن تحالف ثنائي مع الناصري ؟

- نحن كنا قد حجزنا قاعة لعقد المؤتمر الصحفي في الرياض لإشهار التحالف السياسي الجديد، وأنا كنت رئيساً للجنة التي أعدت البيان الختامي للإعلان .. ولكننا فوجئنا بعدم السماح لنا بالإعلان.

*من الذي حال دون إعلان هذا  التحالف السياسي للقوى المساندة للشرعية؟

- الحقيقة لا نعرف مَن بالضبط، ولكننا أُبلغنا من الفندق الذي حجزنا فيه، بأن حجزنا أُلغي ( يضحك )..

بالتاكيد طرف يمني ،أو ربما طرف التحالف، لكن على أيّ حال، لم يكن هناك إعتراض علني لا من الرئاسة اليمنية،ولا من الحكومة ولا من  التحالف العربي أيضاً ولا من السلطات السعودية.. لم يكن هناك إعتراض رسمي، فتوقفت العملية ..

بعدها أعلنا، التنسيق والعمل المشترك ، ثنائي، مع التنظيم الناصري، ثم إلى جانب الحزبين حزب العدالة والبناء، وإتحاد القوى الشعبية،وحينها طلب منا أن نعود من جديد الى البحث في موضوع  التحالف الواسع، وعدنا،من جديد،وأيضاً جرى الإتفاق على وثيقة جديدة، هي البرنامج التنفيذي للتحالف السياسي إلى جانب وثيقة التحالف التي كان قد تم إقرارها عام 2015، وصارت كافة الوثائق جاهزة ومعداة ..

*لماذا لم يتم إعلانه حتى اللحظة ؟

-  ربما لأن مشكلة المكان سبب رئيسي.الأحزاب تريد أن تعلن التحالف في أرض يمنية، وهناك صعوبة الى الآن  بهذا الشأن.

لكننا نعتقد أن هذا التحالف إذا أنجز، وبعودة العملية السياسية ومشاركة الأحزاب في القرار، ربما يجعل طرف الشرعية أقوى سياسيا وإعلاميا وعسكريا.

التقارب بين الإصلاح والمؤتمر..من يزيح الآخر الى مربعه السابق 

* مؤخرا حصل شكل من التقارب بين الإصلاح وجناح مؤتمر صالح الذي كان شريكاً للحوثيين في الإنقلاب.. وهناك معلومات عن مساعي بذلتها بعض أطراف التحالف لجمع أتباع صالح والإصلاح وحدث  شيئ من الغزل بين الجانبين.. كيف ينظر الحزب الاشتراكي لهذا الأمر، وهل تعتقد بأن المؤتمر الشعبي، تركة صالح، لازال لديه ما يقدمه للشرعية بشكل مؤثر في مسار المعركة مع الحوثيين بشكل عام؟

-  طبعا ..نحن كحزب اشتراكي لناعلاقة بالمؤتمر الشعبي العام، ولكن المؤتمر الشعبي  الذي يقف مع الشرعية .

هناك أجزاء متعددة الآن من المؤتمر الشعبي، ونرى أنه من الإيجابي المحاولة للعمل معها لمغادرة موقع الإنقلاب.

ولكن أي تنسيق أو تحالف، يجب أن يكون على أساس مشترك وأرضية واحدة وهو استعادة الدولة.

فأطراف المؤتمر الشعبي التي مازالت مع الإنقلاب، ليس من الصواب مغازلتها ولا دعمها معنويا وإعلاميا.

لا أدري ما طبيعة التواصل الذي تقصده هنا، لأنه ليس لدينا معلومات بأن هناك تحالف للتجمع اليمني  للإصلاح مع مؤتمر صالح ،والحرب الإعلامية بين التجمع اليمني للإصلاح وخصومها في وسائل التواصل الاجتماعي أدى الى إعلام مضلل وكاذب وضار وغير نافع بكل المقاييس، ومن قبل كل الأطراف المشتركة فيه، وصار إعلاماً لا يحقق غير إثارة الكراهية الدينية والوطنية، ويمزق صفوف قوى الشرعية، وهذا يمثل واحدة من المعضلات التي يقع على قوى الشرعية العمل على وضع حد لها.

* قلتُ أنه ربما تقارب ؟

- ربما يكون هناك تواصل، والتواصل لا يعيب .. والعبر بالنتيجة، من الذي سيأتي الى موقع الآخر ( يضحك )..هل سيأتي المؤتمرالى موقع الشرعية أم سيذهب الإصلاح الى موقع الانقلاب، وهذا ما لا أعتقده ولا نرجوه لأنه ليس في مصلحة اليمن أرضاً وشعباً.

* بعض المعلومات تتحدث عن لقاءات تمت بمدينة سعودية بترتيب من المملكة .. السؤال: هل مايزال لدى مؤتمر صالح ما يقدمه أصلاً للشرعية أو يغير موازين القوى على الأرض؟

- إذا كانت المراهنة على قوى سياسية، فالمؤتمر الشعبي كقواعد موجودة في اليمن، بإمكانه أن يلعب دور شأنه شأن  أي حزب آخر،ولكن ليس هو الذي سيستعيد الدولة ،اذ كان أحد الأدوات التي استخدمها الإنقلاب لتدمير الدولة ومن عناصره في أجهزة الدولة، بما في ذلك مجلس النواب والمجالس المحلية. الدولة ستستعاد بالشرعية وبكل القوى السياسية العابرة للطائفية المذهبية السلالية والمناطقية.

ثمة أمر آخر يجب أخذه بالإعتبار، هو أن هناك قوى قامت بالإنقلاب يجب التعامل معها بشكل آخر، ولكن هناك جزء واسع من المؤتمر الشعبي لم يكن له علاقة بالانقلاب، وبالذات في إطار قواعده، وجزء من القيادات الذين انضموا مبكراً من المؤتمر الشعبي للشرعية، نحن مع أن يكون هذا الجزء من ضمن أي تحالف مستقبلي.

والإعداد الذي جرى لإيجاد تحالف سياسي واسع، يشمل المؤتمر الشعبي، ولكن أؤكد هنا أن المؤتمر الشعبي المعني هو المؤتمر الذي يرفض الانقلاب ويقف مع الحكومة الشرعية، ومع الشرعية الدستورية والتوافقية، ومرجعيات الفترة الإنتقالية التي تمثل الأساس التوافقي للتغيير وللشرعية الداخلية والخارجية..

                   عائلة صالح مازالت مع الإنقلاب  

* مقاطعا .. حتى لو كانت الترتيبات تتضمن منح عائلة صالح دوراً قيادياً؟

- الى الآن عائلة صالح، لا يوجد أحد منهم تبرأ من مشاركته في الإنقلاب  والعمل معه أو إعتذر عن ما أرتكبها من جرائم عام 2011 وفي الحرب الجارية و لكل حالة  حديثها الخاص.

عندما يعلنوا بأنهم تبرأوا من الإنقلاب ،وتخلوا عنه، وأنهم مع الشرعية وإستعادة الدولة، سيكون أمراً آخر..

* هكذا ببساطة، بالامكان الإنتقال من حالة الإنقلاب والمشاركة في الجرائم الى صفوف الشرعية؟

- أنا أقول الحديث في هذا الموضوع سابق لأوانه. هم إلى الآن لازالوا في صف الإنقلاب.

الانقلاب ليس بالضرورة أن يكونوا مع الحوثي.من لم يعلن بأنه تخلى عن الإنقلاب فهو لا يزال في صف الإنقلاب، وبالتالي من غير المناسب الحديث الآن كيف يمكن التعامل معهم فيما إذا غادروا صفوف الإنقلاب وصاروا جزءً من الشرعية،لا يمنع وجود رؤية بهذا الشأن من الآن، لكن ليس من الصواب إعلانها في غير أوانها.

* مطلع هذا العام قلت في مقابلة أنه لولا اللقاء المشترك لما تمكن الشعب اليمني من الحصول على إعتراف العالم بحقه في التغيير...في نفس الوقت كثير من الأطروحات النقدية الموجهة للمشترك تتهم القيادات بأنها أهدرت اللحظة الثورية وساعدت على الالتفاف على الثورة من خلال القبول بالمبادرة الخليجية، ومهدت لهذا المآل الكارثي.. ألا تعتقد أن القيادات السياسية التي أهدرت لحظة الثورة، هي نفسها، التي ستهدر جهود وتضحيات الكفاح المسلح؟

- ماقلته وقتها، أعتقد بأنه مازال صحيحاً.. لولا اللقاء المشترك لما كان تم النجاح في الحصول على إعتراف  فعلاً عالمي وداخلي بأن التغيير ضرورة، وأن يفضي الى إقامة دولة حديثة ديمقراطية.. و توصلنا الى رؤية وتصور لهذا الإنتقال الديمقراطي والمتمثل بآلية نقل السلطة والتي كانت ولا زالت هي الأساس للفترة الإنتقالية بناء على المبادرة الخليجية.

*لكن هذا هذا كله في النهاية أفضى الى الحرب التي قلتم أنكم نجحتم في تجنبها بالتسوية؟

- أفضى الى حرب، لأن هناك أطرافاً لم تكن قادرة على أن تقبل بالتغيير الديمقراطي، وغير قابلة للتسليم بأن السلطة ليس ملكاً لها، وليست شي تتوارثه عائلة، هذه إشكالية أخرى، كانت مصداً لتحالف النظام القديم والبائد وكل طرف يعتقد أن عائلته الأوفر حضاً لامتلاك السلطة ، وتوريثها عائلياً.

* لماذا تتحدث عن تغيير ديمقراطي، بينما الناس خرجوا في ثورة، و الثورة لا تعترف بفكرة اعتراف السلطة التي قامت الثورة ضدها . ألم يكن القبول بالمبادرة الخليجية، مقدمة للثورة المضادة التي امتطت ظهر التسوية السياسية وقبلت بها الأحزاب؟

-  لقد عملت أحزاب اللقاء المشترك على تجنيب اليمن حرب أهلية وبذلت كل جهدها لتحقيق إنتقال سلمي للسلطة وإحداث تغيي بدون أن يدفع اليمنييون ثمناً  باهضاً من أرواحهم واستقراراهم، ومن هذا المنطلق فصل الإنتقال الديمقراطي على قاعدة التوافق، وما كان هذا هو السبب في نجاح الثورة المضادة، الثورة المضادة حصلت بسبب عدم نقل السلطة طبقاً لآلية تنفيذ العملية الانتقالية، وحصلت بإمكانيات الجيش اليمني الذي كان قائماً عام 2011،  وكان يفترض منذ بداية الفترة الإنتقالية نقل السلطة وأن يعالج وضع الجيش القائم،وهذا الذي لم يتم، بسبب أن اللقاء المشترك لم يظل بالتنسيق الذي كان قائماً عام 2011 ألى أن تشكلت الحكومة.

هو ( المشترك) مارس سياسة الخذلان وأستمرت إستراتجية النظام القديم- إستراتيجية الفشل، أي إفشال الثورة بإيجاد ثورة مضادة. كان بإمكان اللقاء المشترك والحكومة التي يشارك فيها ورئيس الجمهورية أن يمنعوها بنقل السلطة و بتغييروضع الجيش ، وكان ذلك متاحاً خلال عا مي 2012 و2013م وبدون ثمن باهض.

*وهل كان هناك إمكانية لتغيير وضع الجيش وقتها؟

نعم كان هناك إمكانية .. أولاً : نحن أصدرنا قرارات بإلغاء الهيكلية القائمة للجيش وتوزيعه وفق التقسميات  التقليدية للجيوش المتعارف عليها، وبالتالي كان يفترض تغيير مواقعه وتغيير مكانه وتغيير قيادته. هذا لم يحدث، وأكتفى بتغيرات رمزية: تغيير قائد الحرس الجمهوري أو قائد القوات الجوية أو قائد الأمن المركزي ، وترك بقية القيادة،على ما هي عليه،وبالمقابل تعيين قيادات سابقة موالية للنظام القديم، في أخطر المواقع التي فتحت الطريق أمام العصابات المقاتلة والدخول الى العاصمة .

*  هل كان هذا متاحاً بالنسبة للرئيس..؟ الرجل في بعض الأوقات عندما كان يصدر القرارات يلجأ للإستعانة ببعض الدول لإنفاذها ؟

- كان الأمر متاحاً في 2012 و2013 . حين أُبعدت القيادات العليا، كان متاح أن يجري تغييركل القيادات الأخرى، لكن جرى الإطمئنان إلى قيادات هي أصلاً مع النظام القديم .

*  يرجع ذلك الى سوء تقدير، برأيك، أم أن المسألة تمت بتفاهم مع النظام السابق ؟

-  لا .. أنا أعتقد أنه سوء تقدير.. الأمر الآخر، وفقاً لقرار مؤتمر الحوار الوطني، كان بالإمكان وبسرعة وأثناء المؤتمروقبل أن ينتهي المؤتمر، إيجاد توزان داخل الجيش بإعادة القوات التي أُبعدت وسُرحت بعد حرب 94م، والحقيقة أن هذا الملف كان بيد الرئيس هادي، والأحزاب السياسية ،عدا الحزب الاشتراكي، لم تبذل جهداً في هذا الجانب، مع أنه كان بالإمكان لو بذل جهد أن تصل الى نتيجة.


*أتذكر أن الحزب الإشتراكي وقتها كان قد طرح مجموعة نقاط كشرط للبدء بحوار وطني وكان من جملة هذه الشروط ، تلك المتعلقة بإعادة المسرحين من وظائفهم، لماذا قبل الحزب الدخول في الحوار الوطني، وهو كان قادراً على الضغط للمضي بهذه النقاط؟

- طبعاً النقاط العشرون التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني،هي كانت ضمن وثيقة تقدم بها الحزب الإشتراكي، ولكن الحزب بمفرده لم يكن لديه القدرة  للضغط على السلطة، لأن تقبل بهذا.هي قبلت شكلياً، في مؤتمر الحوار ولكن في الممارسة الواقعية لم يحدث هذا. يعني تم إعادة أشخاص على عدد أصابع اليد وعددهم محدود جداً من قيادات الجيش اليمني الذين كانوا من قيادة الجيش الجنوبي، أو من رفض الحرب عام 1994م من القيادات الشمالية، وبالتالي الإنقلاب ما كان بالإمكان أن يحدث، لو حدث تغيير في الجيش و بترت أيادي علي عبدالله صالح منذ البداية،  قبل أن تتمكن من الإعداد للثورة المضادة، اذ كان في 2012  لا يزال الناس في الساحات. الحقيقة في البداية كنا نعتقد بأن الأحزاب جميعها ستتحمس لهذا الموضوع لكن للاأسف هذا لم يحصل. هذه أخطاء أدت الى مأساة، يجب أن نستفيد من دورها الآن ولا سيما الأخوة في قيادة التجمع اليمني للإصلاح  للخروج من المأزق وعدم تكرار الأخطاء، أو تدارك الأمر بالتوقف عن تكرارها الحاصل الآن.
                                    تعز ..خارج أجندة الحزب في شكل الدولة 

* تعز من  أهم معاقل الحزب الاشتراكي من حيث الجمهور على مستوى اليمن، ولديها مظلمة تاريخية كما بقية المناطق الوسطى والسهل التهامي، مرتبط بقرون من الإقصاء والتهميش وهيمنة المركز.

مع ذلك ظل الحزب متمسكا بخيارالإقليمين لشكل الدولة اليمنية كما لو كان متحيزاً لنشأته الجنوبية كحزب، ألا يرى الإشتراكي أنه يضر هذه المحافظات بهكذا طرح. ماهو الحل من وجهة نظر الحزب  لهذه المناطق في أي تسوية مستقبلية تتعلق بشكل الدولة؟

- موضوع الدولة الاتحادية، ربما أن الحزب الإشتراكي هو صاحب هذه الفكرة من وقت مبكر عندما بدأ الصراع قبل حرب 94 وبعد الحرب، إستمر بطرح هذا الأمر.

كان مبعث هذا الطرح هي مشكلة الجنوب والشمال، وهي أساس المشكلة وإلاّ كان بالإمكان أن يطرح حلولاً أخرى.

لكن هذا الإنقسام الحاد الذي حدث بين الشمال والجنوب، هو الذي كان سبباً في طرح موضوع الفيدرالية.

عندما عقد مؤتمر الحوار الوطني، كان هناك هم أساسي هو بناء الدولة الحديثة – دولة القانون- لكن من حيث مشكلة الإنقسام الوطني، كان لدينا الإنقسام الأساسي : الشمال والجنوب. وبالتالي الفكرة نفسها قامت على هذه الإشكالية، أي فكرة الدولة الاتحادية، لكن الفيدرالية لا تعني الأقاليم فقط.. وإنما أيضاً التقسيمات ما دون الأقاليم. ووزعت السلطات على أربعة مستويات وهو توزيع لم يعد توزيع أو تفويض إداري، وإنما لا مركزية سياسية في كل مستويات الدولة.. وحينها لم تكن الحرب قد إندلعت بعد وجعلت الإنقسام في كل اليمن.

*لكن الوضع في هذه المناطق المعروفة بالسفلى من شمال اليمن، مظلمتها  تاريخية وليست ناشئة عن الحرب القائمة ؟

- نعم نعم، لديهم  مظلمة. لكن لم يكن الإنقسام بهذه الصورة التي أدت اليها الحرب  2015م.

نحن  تقدمنا بمقترح الإقليمين الى مؤتمر الحوار، وبناءً على ما تم التوافق عليه في المؤتمر، صدر قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة الأقاليم، وتضمن الخيارات: 6 أقاليم أو إقليمين أو ما بينهما.

انا شخصياً أبلغتُ رئيس الجمهورية بتكليف من قيادة الحزب، بأن وجهة نظرنا، أن خيار الإقليمين سيكون أفضل لإنهاء الإنقسام الموجود في البلاد بين الشمال والجنوب،وينهي القلق والخوف الذي سببته ممارسات الماضي للجنوبيين وخاصة الممارسات التي ترتبت على حرب 1994م.

ولكن ما سيجري التوافق عليه في إطار وطني، نحن لن نشذ عنه. نحن سنتمسك بوجهة نظرنا لكن لن نقف أمام أي تفاهم أو إتفاق وطني شامل يتم التوصل اليه.

وطلبنا حينها بإعطاء هذه اللجنة فرصة كافية لدراسة  موضوع  الأقاليم  وإعمال المعايير العالمية المتعارف عليها لتحديد خيارها..

وفقاً لهذه المعايير، فلتخرج اللجنة بإقليمين أو ثلاثة أو أربعة أو أي خيار، على أن يقولوا لنا : لماذا قرروا خياراً بعينه، ويجري النقاش والتوافق عليه سياسياً ، بين كل الأطراف السياسية، ويشمل ذلك مكونات الحراك الجنوبي الوازنة، وعندما تحدثت مع رئيس الجمهورية، كان حاضراً اللقاء السيد جمال بن عمر، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يومئذ، فأعرب عن تأييد الأمانة العامة للأمم المتحدة لأن يعطي للجنة الوقت الكافي لدراسة الخيارات وتطبيق المعايير، وكان رد الرئيس بالموافقة على طلبنا. ِ


Create Account



Log In Your Account