حين يضع الإنتقالي نفسه بين نقيضين
السبت 18 أُغسطس ,2018 الساعة: 08:41 مساءً

نرى أنه لا يجتمع نقيضين في آن ومكان واحد.. 
لا يمكن الجمع بين الشئ ونقيضه في الوقت نفسه إلا في حسابات الإنتقالي وحده. الرغبة الشديدة التي أبداها في الجلوس على طاولة المفاوضات وفي نفس الوقت النزعة الجامحة الى إستخدام القوة والعنف في التعاطي مع الأمور والأحداث حتى وإن كانت تتعلق بقطعة قماش لا تقدم ولا تؤخر من  حقيقة الواقع شئ ..
فإن كان الانتقالي يؤمن بالمفاوضات ونتائجها كما يدعي، فعليه أن يكون في مستواها ومستوى مايدعيه وأن ينتهج نهجها ويتحلى بأخلاقها وينفذ شروطها ويثبت للعالم بأنه جدير بحمل المشروع الذي يتبناه والقضية التي يزعم أنه يحملها ويمثلها. وأما أن يسلك سبيل العنف والقوة الطويل والمدمر، فيقتل أبناءه من طلاب العلم الجنوبيين الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل بالمواقف والصراعات السياسية للتعبير عن رغبته في تحقيق الإستقلال وإستعادة الدولة كما يزعم، وهو يعلم كل العلم بأن هذا السبيل وعر وطويل ومحفوف بالمخاطر، ويقود بالضرورة الى نتائج لا تخدم أحدا بقدر  ماتضر الجنوب وحده أكثر من أي طرف آخر..
يبدو أن المجلس الانتقالي لا يحمل من الحرص على تحقيق مصلحة الجنوب ما يجعله يبتعد ويتجنب السير على هذا السبيل الدموي إن لم يكن يسعى  للزج بمصلحة الجنوب في أتون معارك عدمية،  سوف يفقد فيها الجنوب كل ماحققه حتى الآن ويعود به الى نقطة الصفر التي كان قد تجاوزها بشوط كبير على درب النضال السلمي ..
لا نريد للجنوب أن يكون ضحية أبدية لأحلام الطائشين، كما ظل كذلك منذ دهور .. 

وينبغي أن يعلم الذين لا يعلمون بأن هناك من يحرص كل الحرص على أن لا بتعاطى مع هولاء الطائشين بنفس المنطق الذي يتعاطون به معه، لأنهم يدركون بأن الضحية والخسران الوحيد من نتائج وعواقب وتداعيات ذلك، لن يكون الا الشعب الجنوبي وحده ..كما كان كذلك اليوم في مثل لا زال حيا وطريا نضربه لكم من الواقع وكلكم شاهدتموه وعايشتموه خلال حفل تخرج طلاب الكلية الحربية الذين سقطوا في المحفل الذي نظموه لهذه المناسبة دون ذنب إرتكبوه سوى أنهم كانوا هدفا سهلا لطيش الطائشين..
من يحرص على تحقيق أي انتصارات للقضية الجنوبية فإن الإنتصارات الحقيقية العظيمة، لن تتحقق الا عبر السياسة والحوار وعبر لغة العقل والسلام، أما العنف فهو دائما لا يفضى الا الى مزيد من الدمار ومزيد من المآسي ومزيد من التعقيد، وهو سهل على الذين لا تهمهم ولا تعنيهم حياة المواطن ودمائه..ويسير علي الذين يدركون بأنهم لن يكونوا هم ضحيته ابدا ..
القوة وحدها لا تكفي..
والعقل قد يستغني عن القوة في حين أن القوة لا يمكن أن تستغني عن العقل..
وما تستطيع أن تحققه بالسلام ودون أي خسائر أو بأقل الخسائر، فمن الجنون  أن تلجأ الى تحقيقه بالقوة والعنف مع ما يترتب علي ذلك من خسائر ومآسي وآلام، إلا اذا كنت طائشا مثلهم..


Create Account



Log In Your Account